تحديات التحول الرقمي وكيف يمكن التغلب عليها؟
على الرغم من أن التحول الرقمي هو الوسيلة الأفضل لتسهيل إدارة الأعمال أجمع بمختلف مجالاتها، ومميزاته والتأثيرات التي يُحدثها في التحكم بالشركات والمؤسسات لا تُعد ولا تُحصى إلا أنه يمر بعدة عقبات أثناء تطبيقه ربما تضر مطبقيه إذا لم يحسنوا التعامل معها أو إدارتها بشكل صحيح، لنتعرف على أهمها في هذا المقال وأبرز الطرق لتخطيها.
ما هي أهمية التحول الرقمي في إدارة العمل في الشركات والمؤسسات؟
أصبح الاعتماد على التحول الرقمي في الشركات في وقتنا الحالي أمرًا ضروريًا وليس احتياجًا ثانويًا، وليست الشركات فحسب، وإنما في كافة المؤسسات الخدمية بما فيها من مستشفيات أو مصالح حكومية أو مدارس وجامعات وغيرها، إذ يوفر عدد من المميزات لها دور أساسي في تحسين الأداء للعمل ورفع كفاءته بنسب عالية تتفوق على أية مجهودات بشرية، ومن أبرز تلك الأهميات:
- الدقة في تحليل البيانات، من خلال هذا الأمر يمكن جمع البيانات وتحليلها بكفاءة عالية بلا أية أخطاء بشرية؛ مما يساعد على اتخاذ قرارات موثوقة وإجراءات دقيقة.
- القدرة على إدارة الأقسام بسهولة، يساعد التحول الرقمي من خلال البرامج المحاسبية على إدارة الأقسام بمختلف مهماتها، وهذا يساعد على الربط بينهم مما يعطي نظرة شاملة حول أداء الشركة أو المؤسسة بشكل عام.
- أتمتة مختلف العمليات، من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتعليم الآلة من أجل تحويل العمليات الروتينية المختلفة إلى مهمات مؤتمتة لتوفير الوقت والجهد في وقتٍ واحد.
- المساعدة في التطور والتوسع، يساعد التحول الرقمي الشركات على مواكبة كافة تطوراته واستغلالها في التوسع في الأسواق المحلية والعالمية، بل وتصدّر المنافسة فيها أيضًا.
- تقليل التكاليف، يدعم التحول الرقمي فرصة تقليل التكاليف المهدرة المتمثلة في أوراق وطباعة ومخزون لا يُدار بسهولة بالطريقة التقليدية وبالتالي التعرض للخسارة في بعض الأحيان.
تمر عملية تطبيق التحول الرقمي في الشركات بعدة عوائق تجعل التأقلم عليه أمرًا صعبًا ومستعصيًا، لذا لتجنب تلك التحديات والتعامل معها بأفضل شكل إليك النقاط التالية:
التحدي الأول: الاعتياد على الأنظمة التقليدية
يمثل هذا التحدي من تحديات التحول الرقمي الشائعة، إذ إن الأنظمة القديمة لها باعٍ طويل في إدارة الأعمال، وظهور أنظمة دخيلة عليها يجعل من الصعب التأقلم في تطبيقها، وأحيانًا الركون إلى تلك الأنظمة القديمة.
يحدث هذا الأمر بسبب عدة عوامل لا تقتصر فقط على أن تطبيق التحول الرقمي ربما يكون تحديًا جديدًا به العديد من التخوفات مثله كمثل أي تجديدات مختلفة، ولكن ربما يرجع إلى أسباب تؤدي إلى مقاومة الموظفين للتغيير، فبعضهم قد يظن أن التقنيات التكنولوجية الجديدة تلك هي بديلًا عنهم، أو ستحتاج منهم مجهودًا مضاعفًا لتعلمها وإتقانها.
الحل: تهيئة الموظفين بالتدريج، وتوفير ورش توعوية وتدريبات بأهمية التحول الرقمي؛ ودوره في مساعدتهم على إتمام عملهم بطرق مثالية، وبكفاءة عالية، إلى جانب ضرورة توفير حوافز ومكافآت لمن يتقن استخدام الحلول الرقمية في الوقت المطلوب، ويحقق نتائج العمل المرغوبة من خلالها.
التحدي الثاني: كثرة التكاليف الأولية
يحتاج تطبيق الحلول التكنولوجية في البداية إلى تكاليف عالية في بعض الأحيان، وقد يشكل هذا عائقًا لبعض الشركات التي تحتاج إلى تحويل هيكلة نظامها وعملياتها بالكامل للنظام الرقمي، وخاصة أن تطبيق الرقمنة لا يقتصر فقط على أدوات وطرق مستخدمة، وإنما هي أنظمة، وأدوات، وبنيات تحتية، وتدريبات للكوادر، واستشارات؛ كل ذلك يحتاج صاحب العمل إلى وضعه في الحسبان قبل اتخاذ هذه الخطوة.
الحل: قبل حل هذا التحدي لا بد من ذكر أن التكاليف الباهظة تلك ما هي إلا محطة مؤقتة، وبمجرد تطبيق التحول الرقمي في الشركة فإنه سيساعد على خفض التكاليف وتوفير المالية، بل وقد يعيد تلك المصاريف مرة اخرى.
ولتخطي هذا التحدى يمكن البدء تدريجيًا في رقمنة عمليات الشركة، والاستثمار في طرق تساعد على التوسع ولكن ليست بعالية التكاليف مثل غيرها، على سبيل المثال الاعتماد على البرامج المحاسبية التي توفر عائدًا للشركة أكثر بكثير من ثمن اقتنائها.
التحدي الثالث: عدم التعاون بين أقسام الشركة
هناك مؤسسات أو شركات بها مختلف الأنواع من الأقسام ولكن كل قسم يعمل على حدى، وتلك من أصعب تحديات التحول الرقمي، إذ تظهر مشكلات مثل عدم تدفق المعلومات وبطء أدائها وتكرار المجهود بلا أي تصنيف أو تنظيم.
ومن أهم أسباب هذا التحدي انتشار الهياكل التنظيمية القديمة التي تؤدي إلى هذا الانفصال، بالإضافة إلى عدم وجود أية وسائل اتصال للربط بين الأقسام وبعضها البعض، أو دمج أعمالهم معًا مثلما تفعل الأدوات والوسائل التكنولوجية.
الحل: إعادة الهيكلة والاعتماد على ما يُعرف بالهياكل التنظيمية المصفوفية، التي يعمل الموظفون فيها في مشاريع متعددة التخصصات، مما يزيد الخبرات ويُطور المهارات، إلى جانب أهمية مراجعة العمليات الحالية وتعديلها، والبدء في خطوات فعلية للتنسيق والربط بين الأقسام.
ومن الأمثلة التي تغلبت على هذا التحدي شركة Google، التي كانت تعاني من عزلة الفرق التقنية عن فرق التسويق، فواجهت تلك الأزمة من خلال ربط العمليات التي تتم ببعضها البعض وبالتالي ربط الأقسام العاملة على تلك العمليات هي الأخرى سويًا عن طريق الاعتماد على هيكل مصفوفي، وتعزيز التواصل بأدوات مثل Google Workspace.
التحدي الرابع: غياب الاستراتيجية الخاصة بالتحول الرقمي
قد تتوفر كافة الشروط الخاصة بتطبيق تقنيات التحول الرقمي في الشركة بدءًا من التكاليف، وقابلية الموظفين، وسهولة تطويع البنية التحتية، ولكن لا توجد استراتيجية مستخدمة للسير على خطى ممنهجة وأهداف واضحة، ويرجع هذا الأمر إلى عدم فهم التحول الرقمي وأدواره كاملة، أو بسبب غياب الأهداف أو الرؤى الخاصة بالعمل بشكل عام.
الحل: بحتاج هذا التحدي إلى وضع استراتيجية متكاملة بداية من تحديد الرؤية والأهداف ومرورًا بتحليل الوضع الحالي، ثم بعد ذلك تحديد الأولويات والتركيز على أكثر العمليات التي تحتاج إلى تقنيات التحول الرقمي في الشركة وحتى التقييم والتخطيط لتطبيقه بأفضل شكل وتدريب الموظفين على استخدامه، وفي النهاية تقييم الأداء.
التحدي الخامس: تعقيد التكامل بين النظام التقليدي وبين النظام الرقمي
من أبرز تحديات التحول الرقمي هو صعوبة التكامل بين الأنظمة المختلفة، فالعديد من المؤسسات الكبرى مثل البنوك وشركات التأمين والمستشفيات، تستخدم أنظمة قديمة منذ عقود، وقد تكون مكتوبة بلغات برمجية قديمة (مثل COBOL أو Fortran) تجعل من الصعب دمجها مع الأنظمة الحديثة.
الحل: يحتاج هذا الأمر إلى استخدام واجهات برمجة التطبيقات، التي يمكن من خلالها ربط الأنظمة القديمة بالأنظمة الحديثة بطريقة مرنة دون الحاجة إلى تعديل النظام القديم بالكامل.
يمكن أيضًا تطبيق حلول الحوسبة السحابية التي توفر التكامل التدريجي، وتقلل من التكاليف الخاصة بالتحديث الشامل.
يساعد الاستثمار في أدوات تكامل الأنظمة على تجنب مثل تلك المشكلات، فهناك برمجيات وسيطة تساعد على تسهيل تبادل البيانات بين الأنظمة القديمة والحديثة مثل IBM WebSphere، Microsoft BizTalk، Oracle Integration Cloud.
لا تُمثل تحديات التحول الرقمي سدًا منيعًا أمام الاستفادة من مميزاته والتغيير الجوهري الذي يُحدثه، وإنما هي بمثابة فرص للتطوير، فعن طريق فهمها والانتباه لأسبابها يمكن تطبيق الرقمنة بخطط مدروسة تحول التحديات تلك إلى نقاط قوة؛ ومن ثمّ الانطلاق في رحلة نمو العمل.