أنواع التحول الرقمي واستخداماته في مختلف القطاعات
من المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على التحول الرقمي إلى 3.9 تريليون دولار بحلول عام 2027، وإن دلّت تلك النسبة على شيء فإنما تدل على أن هذا السوق قد توسع بسرعة ليست بالعادية، وتوغلت التقنيات الرقمية في كافة قطاعات الحياة المختلفة، ومجالات العمل المتعددة، نستعرض أبرز التفاصيل الخاصة بها في هذا المقال، تابع القراءة.
ما أهمية التحول الرقمي؟
قبل أن نتناول أنواعه، لا بد أن نذكر دوره في عملية التحول التي يُحدثها أينما وجد، إذ يساعد التطور الرقمي على تغيير أداء الشركات كليةً، فوفقًا للإحصائيات، فإن أكثر من ثلاثة أرباع المنظمات تخطت مرحلة التخطيط للتحول الرقمي، 55% في طريقها لإطلاق أو تسريع مبادراتها في استخدامه، وكل هذا يرجع إلى دوره في:
- تقليل التكاليف التشغيلية.
- تبسيط المهمات، فالمهام اليدوية التقليدية الطويلة، يساعد على إتمامها بشكل مؤتمت مما يوفر الكثير من الوقت والجهد.
- القدرة على التنبؤ بشكل أفضل، وحل أية مشكلات مستقبلية قبل وقوعها.
- مساعدة الشركات على استمرار المنافسة بينها وبين غيرها في السوق.
- زيادة الإنتاجية عن طريق إدارة الموارد بشكل أفضل.
- مواكبة التطورات، واكتشاف وظائف جديدة.
لكي يدخل التحول الرقمي في مختلف مجالات الحياة، فكان لا بد من خلق أنواع متعددة له لمناسبة تلك المجالات، ومن أهمها:
النوع الأول: التحول الرقمي في العمليات
ويمثل هذا النوع إعادة هيكلة العمليات الداخلية في الشركة أو المؤسسة، عن طريق تحليل ومتابعة وحصر كافة العمليات التي تُدار في الشركة بالطرق التقليدية، وتحويلها عن طريق دمج التقنيات الرقمية مثل:
- واجهات برمجة التطبيقات (APIs).
- الذكاء الاصطناعي.
- تحليلات البيانات.
- التعلم الآلي.
- الأتمتة.
ومن هنا تبدأ إزالة أية مهمات روتينية يمكن السيطرة عليها وأدائها باستخدام تلك التقنيات، فيمكن استخدام أنظمة إدارة سير العمل (Workflow Management Systems) لتحسين تدفق المهام أو روبوتات الأتمتة (RPA) لأتمتة المهام المتكررة مثل إدخال البيانات، أو استخدام أنظمة إدارة الجودة (QMS) لمراقبة الجودة وتحسينها.
يساعد هذا النوع من أنواع التحول الرقمي على إعادة تصميم العمليات الإدارية والتشغيلية في الشركة لتحسين الكفاءة ورفع جودة العمل.
ومن الأمثلة الواقعية على هذا النوع ما فعلته شركة جنرال إلكتريك (GE) حينما اعتمدت على التحول الرقمي في عمليات الصيانة لمعداتها الصناعية (مثل التوربينات والمحركات النفاثة) من خلال تحليلات البيانات وإنترنت الأشياء (IoT)، فساعد الذكاء الاصطناعي على جمع البيانات من المعدات الصناعية وتحليلها في الوقت الفعلي، مما ساعد على تقليل الأعطال المفاجئة بنسبة 10-20%، وبالتالي زيادة عمر الماكينات.
النوع الثاني: التحول الرقمي في نماذج الأعمال
وهذا النوع من أنواع التحول الرقمي يعبر عن التغير الذي سيظهر في طريقة تقديم الخدمة أو المنتج للعميل بشكل جديد عما كان مسبقًا، وفي هذا يبحث المطورون على كيفية تسهيل تجربة العميل، وتحسين خطوات تقديم القيمة له، والأهم من ذلك كيفية زيادة الإيرادات من خلال تلك الطرق.
ويعتمد هذا النوع على عدة نقاط من أهمها:
- التركيز على تحليل بيانات العملاء.
- تحليل احتياجات العملاء، وتطويع الرقمنة لتلبية تلك الاحتياجات.
- اكتشاف طرق لزيادة الإيرادات مثل الاشتراكات الشهرية، وغيرها.
- الانتقال من المتاجر الموجودة على أرض الواقع إلى الإلكترونية.
النوع الثالث: التحول الرقمي في المنتجات
وهو من أشهر أنواع التحول الرقمي، ففي هذا النوع تُدمج التقنيات الرقمية في منتجات وخدمات كانت موجودة سابقًا، أو تظهر منتجات جديدة غير معهودة من قبل، يساعد هذا النوع الشركات على تعزيز قيمتها التنافسية، وفتح مصادر دخل جديدة، مع زيادة القيمة المقدمة للعملاء، وتطوير تجارب المستخدم، وأمثلة على ذلك:
- التعليم والترفيه الرقمي.
- تحول الأجهزة المنزلية إلى أجهزة ذكية متصلة بالإنترنت (IoT).
- تقديم الخدمات العادية عبر الإنترنت مثل الاستشارات الطبية.
- استخدام البرمجيات كخدمات مثل Microsoft Office 365
- تطبيقات الهاتف المحمول أو الحلول البرمجية السحابية.
- الأجهزة القابلة للارتداء والتي توفر خدمات متقدمة.
- ظهور السيارات الذكية مثل Tesla.
- ظهور العملات الرقمية.
النوع الرابع: التحول الرقمي الخاص بالبيانات
يُعد هذا النوع من أهم أنواع التحول الرقمي، إذ تعتمد عليه صناعات ومؤسسات ضخمة، فهو قائم على استخدام البيانات الضخمة وتحليلاتها لاتخاذ قرارات استراتيجية حالية ومستقبلية، وتُحلل البيانات لتُستخدم في كل من فهم اتجاهات السوق، تحسين العمليات، وتخصيص المنتجات والخدمات وفقًا لاحتياجات العملاء، وتمر البيانات هنا بمرحلتين:
- جمع البيانات، وتُجمع من خلال أنظمة مختلفة مثل أنظمة CRM التي يُعرف من خلالها مختلف بيانات العملاء، وأنظمة ERP التي توفر بيانات خاصة بالعمليات الداخلية للشركة.
- تحليل البيانات: تُستخدم هنا تحليلات البيانات الضخمة لفهم الاتجاهات، بالإضافة إلى التعلم الآلي للتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، وأيضًا الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المعقدة.
يساعد هذا النمط من رقمنة البيانات على كافة العمليات الخاصة بالمؤسسات والشركات وأيضًا المصانع، فيساعد على تحسين كل من:
- التسويق.
- النقل والخدمات اللوجيستية.
- الموارد البشرية.
- الخدمات المالية.
- سلسلة التوريد.
- تجربة العملاء.
- إدارة المخزون.
- تجارة التجزئة.
النوع الخامس: التحول الرقمي الخاص بالبنية التحتية
وهذا النوع من أنواع التحول الرقمي أصبح ضروريًا ولازمًا في مختلف الشركات، لأهميته في حفظ البيانات وتحسين كفاءة العمليات والقدرة على مواكبة التطورات التكنولوجية بكل سهولة من خلاله.
ويمر تحويل البنية التحتية إلى بنية تكنولوجية من خلال الخطوات التالية:
- الانتقال إلى الحوسبة السحابية، والتي من خلالها تُوفر موارد تقنية مثل الخوادم والتخزين عبر الإنترنت بدلًا من الاعتماد على البنية التحتية التقليدية.
- تعزيز الأمن السيبراني، فيوفر التحول الرقمي هنا تقنيات أمان عالية للحفاظ على البيانات، والأنظمة والشبكات من الهجمات الإلكترونية.
- توفير أنظمة مرنة، وتلك الأنظمة تساعد على التكيف مع احتياجات العميل، ومن أمثلة تلك الأنظمة استخدام الحاويات (Containers) التي توفر بيئة تشغيل مرنة للتطبيقات.
ومن الأمثلة على هذا النوع، شركة Siemens التي حدثت بنيتها التحتية التقنية باستخدام الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء (IoT) وكانت النتائج كفاءة خطوط الإنتاج بنسبة 20%، وتقليل الأعطال بنسبة 30%.
استخدام أنواع التحول الرقمي في مختلف القطاعات
تُستخدم الأنواع التي ذكرناها في النقاط السابقة في كافة قطاعات الحياة وبأشكال مختلفة، مثل ما يلي:
- قطاع الحكومة: تقديم الخدمات الحكومية عبر الإنترنت مثل استخراج جواز السفر أو الوثائق الرسمية أو دفع الفواتير.
- قطاع التعليم: تحويل تجربة التعليم إلى تحربة رقمية بالكامل من خلال المنصات الإلكترونية والتعليم التفاعلي والفصول الافتراضية من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
- قطاع الصناعة: إذ يعتمد على التحول الرقمي في أتمتة المصانع باستخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي، واستخدام إنترنت الأشياء IoT لمراقبة خطوط الإنتاج وتحليل الأداء.
- قطاع التجارة: عن طريق تحويل أنظمة الدفع إلى الدفع الإلكتروني، وانتشار التجارة الإلكتروني وتجربة التسوق الرقمي واقتراح المنتجات على العملاء بواسطة الذكاء الاصطناعي.
- قطاع الطب: فيظهر التحول الرقمي في رقمنة السجلات الطبية، وتقديم الاستشارات الطبية عبر الإنترنت، واستخدام الأدوات الطبية البرمجية في تشخيص الأمراض.
- قطاع إدارة الأعمال: ظهور البرامج المحاسبية والحلول البرمجية في إدارة مختلف الأعمال في الشركات وإتمام أغلب عمليات الأقسام بسرعة وبكفاءة عالية.
أنواع التحول الرقمي كثيرة، ولكن تحتاج إلى من يُحسن تكييفها وفق احتياجات شركته أو مؤسسته، ومن يستثمر تلك الأداة ويواكب التغيير الذي يحدث بها أولًا بأول فإن المستقبل سيصبح بين يديه ليحقق أثرًا فارقًا نموًا مستدامًا.