لا شك أن أنواع المحاسبة وتخصص المحاسبة على وجه التحديد به كثير من الأمور المعقدة أو التي يصعب فهمها لعامة الناس، والحكمة من اختلاف أنواع المحاسبة هو تأدية كل منها لغرض ما يخدم المؤسسات والشركات والعاملين بمجال الاقتصاد، حيث يقوم عليها تيسير كثير من المعاملات والأمور المالية في المنشآت المختلفة، ومن خلال مقالنا اليوم نتعرف سويًا على أهم أنواع المحاسبة بشيء من التفصيل مع معرفة أهميتها واستخدامها وأهم القواعد المحددة لها.

المحاسبة من أهم فروع العلم التي يقوم عليها الاقتصاد والإدارة في كل المنشآت، وهي بحر واسع يضم كثير من الأنواع التي تخدم كل فئة أو منشأة بشكل منفصل، وتتحدد ضمن إطار من المبادئ والمعايير التي تنظم عملها، ومن خلال عملياتها المختلفة يمكن تحليل المعاملات أو إدراجها في قوائم أو تنظيمها.

كما يمكن من خلال المحاسبة عمل ما يسمى بالقوائم المالية، التي تعتبر ركنًا أساسيًا في عالم الاقتصاد والأعمال، والتي من خلالها يمكن اختيار الأنسب للشركة واعتماده ضمن خطتها. لذلك فالمعرفة بفروع المحاسبة المختلفة من الأمور الهامة لكل عامل بمجال الاقتصاد، حتى يستطيع القيام بالمعاملات المختلفة باستخدام النوع المناسب منها، وفيما يلي وصف لأهم أنواعها.

المحاسبة المالية من أهم فروع المحاسبة على الإطلاق، ويمكننا القول أنها الأكثر استخدامًا في مجال الأعمال، ومن خلالها يتم عمل تحليل شامل للبيانات الخاصة بالمعاملات المالية والأرقام، وبعد ذلك يتم استخدام هذه البيانات في إعداد الميزانية والقوائم المالية وغيرها من الأمور الهامة لأي منشأة.

تضم المحاسبة المالية أنواع مختلفة من البيانات، والتي تنقسم بشكل رئيسي لخمس أنواع هم: (الأصول، الالتزامات، حقوق الملكية، النفقات، والإيرادات)، وتقوم باستخدام كل منهم في مكانه الصحيح. الإيرادات والنفقات يتم استخدامهما في عمل قائمة الدخل، أما الأصول وحقوق الملكية والالتزامات فيتم إدراجها فيما يعرف باسم الميزانية العمومية، ومن خلال الإثنين يتم إعداد القوائم المالية للشركة.

المحاسبة المالية تتكون من قسمين رئيسين، قسم المحاسبة النقدية، والذي يختص بإدراج المعاملات المالية الفعلية، وذلك يكون غالبًا في الشركات التي ليس لديها رأس مال كبير، أما القسم الآخر هو قسم المحاسبة على أساس الاستحقاق، وفيه يتم إدراج المبالغ المالية في صورة الاستحقاق وفقًا للمستندات التي تقر بذلك.

المحاسبة الإدارية هي فرع أساسي ورئيسي من فروع المحاسبة، ويهدف بشكل أساسي لتوجيه المنشأة عن طريق تقديم المعلومات المالية المتعلقة بها بشكل مفصل، حيث يتم من خلالها عمل تحليل شامل للموارد المالية ومساعدة المديرين في اتخاذ القرارات الصائبة.

يجدر أيضًا الإشارة إلى أن المحاسبة الإدارية تشتمل على مجموعة من العناصر الهامة، والتي من ضمنها ما يلي:

هي المحاسبة التي تختص بتقدير الفوارق السعرية التي تحدث للبضائع المخزنة، بمعنى اختلاف قيمتها السوقية عند البيع، أو الفارق الناتج عن اختلاف العملات، أو حتى تكاليف التخزين ومعدل الدوران.

تختص بمعرفة تكاليف ونفقات تقديم خدمة معينة أو منتج معين بشكل تفصيلي، بداية من النفقات ومرورًا بكافة مراحل الإنفاق أو الربح التي تمر بها هذه الخدمة أو هذا المنتج.

من خلالها يتم المقارنة بين بندين الصادر  والوارد وحساب نسبة الربح والمقارنة بينهم في فترات زمنية مختلفة وتوقع النسب المستقبلية لهما.

يمكن اعتبارها محاسبة متخصصة أكثر من غيرها، حيث تختص بدراسة مشروع بعينه وحساب كافة التكاليف التي يحتاج لها، وبذلك يمكن معرفة التكلفة المتوقعة لأي مشاريع مشابهة.

هي الحسابات التي تختص بطرف آخر مع الشركة، بحيث تكون الشركة قد قامت بتقديم خدمتها للعميل وفي انتظار سداد مقابل هذه الخدمة، بمعنى أنها تختص بحساب الأموال المستحق تحصيلها لحساب الشركة ولم يتم الحصول عليها بشكل فعلي، أي أنها الأموال التي يدين بها العملاء والمستثمرين للشركة.

يختلط على كثير من الناس مفهوم كل من المحاسبة المالية والمحاسبة الإدارية، والحقيقة أنه رغم وجود درجة تشابه، إلا أنه هناك فارق جوهري بينهما، يمكن تلخيصه في الآتي:

• المحاسبة المالية تهدف في المقام الأول لتقديم كافة المعلومات المالية للمستثمرين أو الأشخاص غير العاملين بالشركة، أي أنها الواجهة المالية للعملاء.
• المحاسبة الإدارية تقوم بتفصيل المعلومات المالية بشكل واضح ودقيق للعاملين داخل الشركة لكي تساعدهم في إدارتها وإدارة المعاملات المالية المتعلقة بها.

المحاسبة الدولية تعتبر من أشهر فروع المحاسبة، فهي تعتبر المحاسبة المعترف بها وبقوانينها ومبادئها في كل أنحاء العالم، وتم الاتفاق عليها بحيث يتم التعامل بها في مختلف دول العالم بحيث تكون محددة للمعاملات المالية المختلفة القائمة على أساس محاسبي.

كما سبق وأشرنا فإن المحاسبة الدولية هي الفرع الذي يقوم بتوحيد أسس المحاسبة على مستوى عالمي، لذلك نستعرض مفهوم معايير المحاسبة الدولية والذي يقصد بها مجموعة من المبادئ التي تم صياغتها وإصدارها من قبل مجلس معايير المحاسبة الدولية عام 2011 في المملكة المتحدة، والتي تهدف لتسهيل عملية المقارنة بين مختلف الشركات في كل دول العالم، وذلك عن طريق عرض القوائم المالية الخاصة بها.

أما بخصوص أهداف معايير المحاسبة الدولية فهي كثيرة ومتنوعة، ومن أهم هذه الأهداف التي وضعت لأجلها:

•  تهدف معايير المحاسبة الدولية لتسهيل عمل القوائم المالية لكل الشركات والمؤسسات.
• معايير المحاسبة الدولية تتيح للشركات إتمام عمليات التبادل النقدي بين الدول وهو الأمر الذي يؤدي لانتعاش الاقتصاد ورفع كفاءة السوق.
• يمكن كذلك من خلال معايير المحاسبة الدولية تسهيل عملية الحصول على تمويل من مختلف الجهات عن طريق اطلاعها على القوائم المالية للشركة والاتفاق معها على تمويل محدد.
• معايير المحاسبة الدولية توفر كثير من المجهود والوقت الذي تستغرقه الشركات في وضع القوائم المالية الخاصة بها لوجود قاعدة بيانات لديها بالفعل.
• من أهم فوائد معايير المحاسبة الدولية أنها تتيح عملية المقارنة للقوائم المالية في فترات زمنية مختلفة لنفس المؤسسة.

المحاسبة الحكومية هي نوع من أنواع المحاسبة التي تهتم بتطبيق جميع مبادئ وأسس علم المحاسبة على جميع الهيئات الحكومية، وذلك لضمان المساواة والشفافية في إدارة ممتلكات الدولة العامة، وهي تختلف بشكل كبير عن المحاسبة الخاصة وذلك وفقًا لطبيعة كل جهة، فالمحاسبة المالية ترمي إلى فرض الرقابة المالية والقانونية على موارد الدولة المالية.

كما سبق وذكرنا فإن المحاسبة الحكومية تهدف في المقام الأول إلى الشفافية وتطبيق الرقابة المالية على منشآت الدولة، ومن أهم أهدافها أيضًا:

• توفير جميع البيانات التي تساعد الحكومة وصانعي القرار في اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية.
• تتبع إيرادات ومصروفات الدولة ومعرفة الإيرادات الواجب تحصيلها والديون الواجب سدادها للجهات المختلفة.
• تتبع الإنفاق بشكل دقيق ومعرفة أوجه الإنفاق وضمان عدم تجاوزها الحد المقرر والاعتمادات المحددة من قبل السلطة.

المحاسبة السحابية من الفروع الحديثة للمحاسبة، والتي تختص بتوفير قاعدة بيانات ومعالجة العمليات المتعلقة بالمحاسبة المالية باستخدام الإنترنت، وذلك لتسهيل الوصول لأي من هذه البيانات أو القوائم ووجود نسخة احتياطية منها وإمكانية الإطلاع عليها من أي مكان في العالم.

كما أنها يمكن الاستفادة منها بدون الحاجة لوجود برامج متخصصة أو تثبيت نظام معين، وبذلك فهي تغني عن التكلفة المالية وعن إهدار الوقت والجهد في إعداد الهيكل الخاص بتدوين البيانات المالية.

هذا الفرع من المحاسبة يهدف في المقام الأول إلى تقديم صورة مزيفة وغير حقيقية عن المؤسسة، ولكنها تحسن من وضعها وتعطي انطباعًا جيدًا عنها، ويكون ذلك من خلال تغيير الأرقام والمعاملات المالية عن طريق بعض الثغرات في مبادئ المحاسبة، وبالتالي تكون القوائم الظاهرة للعملاء تفيد بجودة الخدمات المقدمة على عكس الواقع.

ويجدر القول بأن هذا النوع من المحاسبة هو نوع غير قانوني ويعرض القائمين عليه للعقوبات والغرامات في حالة اكتشاف التلاعب الذي تم بهذه القوائم.

المحاسبة الإسلامية يقصد بها فرع المحاسبة القائم على أسس ومبادئ الشريعة الإسلامية ومعاملاتها، فمن المعروف أن الدولة الإسلامية وما قبلها كانتا قائمتين على التجارة، لذلك فقد شرع الله ورسوله كثيرًا من القوانين التي تحدد المعاملات التجارية. وتم وضع نظام كامل وشامل يضم جميع المعاملات الشرعية والإسلامية في القرن الخامس عشر، ومع تقدم الزمان يتم تطوير هذا النظام بما لا يخالف الشريعة ويتفق مع طبيعة العصر ومتغيراته.

من أهم مبادئ المحاسبة الإسلامية عدم وجود الربا أو الفائدة، وتقصي الحلال والحرام في نوع التمويل والمشاريع الممولة، والتحقق من مبلغ الزكاة وصرفه في اتجاهه الصحيح، وتحقيق مبدأ التكافل، كل هذه المبادئ العظيمة جعلت حتى علماء المحاسبة الغربيين يشيدون بالمحاسبة الإسلامية.

ختامًا، يمكن القول إنه في هذا العصر الرقمي أصبحت إدارة الشؤون المالية والمحاسبية أسهل بكثير بفضل تقدم التكنولوجيا وتطور أنظمة المحاسبة الحديثة. لقد أصبح من الممكن اليوم تنفيذ المهام المحاسبية اليومية بشكل أكثر كفاءة وسلاسة من خلال حلول مثل نظام ساب. هذا النظام ليس فقط يساعد على تنظيم البيانات المالية بشكل شامل، بل يتيح أيضًا توليد التقارير الدقيقة والتحليلات المفصلة التي تسهل اتخاذ القرارات الاستراتيجية الصائبة. علاوة على ذلك، يتيح SAP Business One التكامل المثالي مع أنواع المحاسبة المختلفة، مما يساعد الشركات على تحقيق أقصى استفادة من أنظمة المحاسبة الحديثة وتعزيز أدائها بشكل عام.