مميزات التحول الرقمي وأهمية تطبيقه في المؤسسات

يقول الكاتب ستيفن كوتلر: “لن تحل التكنولوجيا جميع مشكلاتك، لكن تجاهلها سيخلق لك المزيد منها.” 

وتلك من الحقائق العصرية، فالرقمنة وما أنتجته من تقنيات تكنولوجية سهل علينا مختلف المجالات في الحياة والعمل، وعادة ما تظهر الشركات التي لا تهتم بالتطور التكنولوجي واقتناء أدواته متأخرة عن الركب لافتقادها امتيازات عديدة لا تتحقق إلا بواسطة التكامل مع التقنية الحديثة

لهذا، سنتحدث في هذا المقال عن مميزات التحول الرقمي، وما التأثيرات الإيجابية التي يحققها في كافة قطاعات الحياة.

ترجع الأهمية الضمنية لضرورة الاعتماد على التحول الرقمي في مختلف المجالات إلى عدة عوامل تتمثل في: 

• تغير سلوك العميل، مع ظهور تلك التقنيات تدريجيًا أصبح احتياج العميل مختلف عما كان سابقًا، مما يلزم الشركات على متابعة تلك الاحتياجات وتلبيتها.
• ظهور التحديات العالمية، مثل ظهور جائحة كورونا والتي من بعدها أصبح الاعتماد على المنصات الإلكترونية نظامًا أساسيًا، بالإضافة إلى العمل عن بعد التي قامت على إثره العديد من الشركات حتى الآن.
• تطور التكنولوجيا المتسارع، تساعد الاكتشافات الجديدة على ظهور منتجات وخدمات جديدة واكتشافات غير مألوفة أيضًا، مما يجعل مواكبة تلك العجلة ضرورة حتمية.
• المنافسة العالية، تفرّد بعض الشركات بتقنيات واكتشافات جديدة وتطويعها في إدارة العمل الخاص بها يجعل أقرانها من الشركات على أهبة الاستعداد للمنافسة بتلك التقنيات أو بأخرى.

تتنوع خصائص التطور الرقمي لتشمل عدة مميزات لها تأثير ملحوظ على أداء الشركات والمؤسسات، من أهمها:

سواء كان ذلك في الشركات أم في المؤسسات الخدمية فإن التحول الرقمي ساهم كثيرًا في تطوير وتحسين وتيسير كل ما يمر به العميل لتلبية احتياجه، ويشمل هذا التحسين كل من الآتي:

• توفير الوقت والجهد، وعدم استهلاك العميل ووصوله إلى مرحلة الضجر التي كان يتعرض لها سابقًا أثناء التعامل مع الطرق التقليدية.
• تحسين الخدمات المقدمة، يساعد التحول الرقمي على رفع جودة الخدمات المقدمة للعميل، وتخصيصها وفق احتياجاته من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.
• تحسين جودة الحياة، يساعد التحول الرقمي على تحسين مختلف جوانب الحياة من خلال الحصول على الخدمات التي يحتاجها بسرعة وسهولة وبالتالي الوصول إلى حالة الرفاهية العامة.

وتلك من أهم مميزات التحول الرقمي والتي يلجأ بسببها أغلب المدراء والموظفون إلى تقنيات التحول الرقمي، إذ يساعد على رفع جودة العمل وتطويره، وذلك عن طريق تبديل المهمات التقليدية الروتينية بمهام مؤتمتة تمامًا من خلال الاعتماد على الحلول البرمجية والتقنية لإتمام تلك المهمات بكل سهولة.

فعلى سبيل المثال يمكن للبرامج المحاسبية مثل أنظمة تخطيط الموارد المؤسسية (ERP) إدارة الموارد المالية والموارد البشرية بسلاسة دون الحاجة إلى المجهود البشري في بعض المهمات التي قد يتخللها بعض الأخطاء أثناء تأديتها.

ما قبل عصر التكنولوجيا، كانت البيانات تُجمع بطريقة يدوية، ولأن الإنسان قد يتعرض للسهو والنسيان في بعض الأحيان فكانت تلك العملية معرضة للعديد من الأخطاء، وليس ذلك فحسب، وإنما أيضًا ربما تُفقد أو تضيع، وبالتالي يؤثر ذلك على اتخاذ القرارات الفعالة مستقبلًا.

من مميزات التحول الرقمي أنه ساعد على تجنب تلك الأزمة من خلال الاعتماد على رقمنة وتحليل البيانات باستخدام الأدوات والطرق الحديثة مثل:

• الأمن السيبراني والبلوك تشين، للمساعدة على الحفاظ على سرية وأمان البيانات بواسطة تقنيات تشفير عالية.
•  الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، والذي من خلالهما يمكن تحليل البيانات والاعتماد على الخوارزميات الذكية في تحديد الاتجاهات والأنماط الخاصة بكل عميل.
• التخزين السحابي، الذي يمكن من خلاله الوصول إلى البيانات في أي وقت، ومن أي مكان، وبالتالي المرونة في الوصول إلى المعلومات.
• الأتمتة ومعالجة البيانات، فالأنظمة التي تعتمد على التحول الرقمي لديها القدرة على تصنيف البيانات تلقائيًا مما يحسن من دقتها. 

لا تعتمد الرقمنة على الآراء والاتجاهات الشخصية في اتخاذ القرارات، وإنما من مميزات التحول الرقمي أنه يعتمد على الأرقام والتحليلات الموثوقة من أجل اتخاذ قرارات مثالية حالية ومستقبلية، يتم ذلك عن طريق استخدام أدوات مثل: 

• أدوات التحليل الفوري المتعلقة بالأزمات، تساعد تلك الأدوات على تحسين الاستجابة للأزمات والمخاطر وبالتالي الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ.
• لوحات المعلومات والتحليلات الفورية (Real-time Dashboards)، والتي توفر بيانات محدثة لحظيًا، مما يساعد المديرين على مراقبة الأداء واتخاذ الإجراءات بسرعة عند الحاجة.
• أدوات التنبؤ المستقبلي، فمن خلال النماذج التنبؤية والتعلم الآلي، يمكن للشركات التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية مثل تغيرات السوق، وسلوك العملاء، واحتياجات المخزون.

من أهم مميزات التحول الرقمي هو أنه يساعد على التوسع في أسواق جديدة سواء من ناحية بيع المنتجات والخدمات أو من ناحية التوسع في فرق العمل، فمن خلال منصات التجارة العالمية، والمتاجر الإلكترونية تستطيع الشركات بيع منتجاتها في أسواق دولية، ومن خلال توفير تقنية العمل عن بعد تستطيع الشركات بناء فرق عمل مكونة من أفراد من دول مختلفة مما يساعد في التنوع الثقافي وإضافة تجارب وخبرات جديدة للعمل.

تساعد أيضًا الحوسبة السحابية في هذا الأمر الشركات على توفير بنية تحتية عالمية لا تقتصر على مكان محدد على أرض الواقع، ويمكن الاعتماد عليها في تشغيل منصاتها عالميًا دون الحاجة إلى بنية تحتية محلية مكلفة.

سهّل التحول الرقمي نجاح الشركات في التوسع في الشركات الدولية من خلال توفير بوابات الدفع الإلكتروني ومن هنا أصبح يسيرًا على العملاء الدفع بكل سهولة بغض النظر عن العملة أو الموقع الجغرافي مما ساعد في انتشار الشركات بسهولة.

على عكس الطرق التقليدية التي تحتاج إلى مهام روتينية كثيرة بتكاليف باهظة على المدى البعيد، توفر  مميزات التحول الرقمي على الشركات والمؤسسات تلك التكاليف عن طريق: 

• الاعتماد على التسويق الرقمي الذي يوفر الكثير مقارنة بالتسويق التقليدي.
• تقليل تكاليف العمالة التي كانت تؤدي المهام الورقية مثل تسجيل البيانات أو غيرها، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي لأدائها بدلًا من الموظفين.
• تحسين إدارة المخزون من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطلب والقدرة على إدارته، وهذا بدوره يقلل تكاليف المخزون المهدور.
• تقليل التكاليف المتعلقة بالورق، من خلال استخدام المستندات الإلكترونية، ومن ثمّ تقليل تكاليف الطباعة والتخزين المادي.
• مراقبة المعدات للتنبؤ بالصيانة من خلال استخدام إنترنت الأشياء، مما يساعد على إطالة عمر المعدات.

من مميزات التحول الرقمي هو إنه يساعد على زيادة الابتكار بشكل عام، إذ يساعد على توفير الوقت المستخدم في المهمات الروتينية المملة وتوجيهه إلى مهمات أخرى مثل تطوير المنتجات والخدمات، إلى جانب إتاحته أدوات جديدة وتقنيات رقمية تسهم في إضافة امتيازات عديدة، واكتشاف اتجاهات جديدة وتطوير حلول مبتكرة مما يحسن من القيمة المقدمة للعميل وتحسن من تجربته.

نستنتج من مميزات التحول الرقمي السابقة أن الرقمنة هي عملية مستمرة ورحلة لا تنتهي، ولا ندري ما نهايتها، ولكن الواجب علينا فعله هو الاستمرار والاستثمار في هذا الكنز الذي لا ينضب للوصول إلى جودة حياة أفضل، وأداء عمل لا مثيل له.